الأحد، 10 مارس 2013

في ضرورة تعميم فقه "اللا عودة"





الزهد في الحياة هذا هو عنوان مجاهد صادحاً يشدو سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى، فَتصغُر الدنيا في عينيه وتخبوا آمالها رويداً رويداً حتى تصبح الحياة عبئاً ثقيلاً على كاهليه، فيمضي بها قائداً ورائداً وتكون له السيادة المطلقة على نفسه والسلطة التامة في توجيهها حيثما شاء .

عندما تتساءل قليلاً متعجباً ومندهشاً ما الذي يفكر فيه شاب يدرك يقيناً أنه سيعود في يوم أشلاء أو جثة مسربلة بالدماء ؟ كيف يتأقلم مع طبيعة الفكرة ذاتها وفي نفس الوقت عليه أن يعتاد على حركة الحياة الدائبة المستمرة ؟ كيف يوفق بين طبيعة النهاية وحقيقة الواقع ؟ 

الأصل أن هذه الأسئلة يكمن جمالها في عدم وجود أجوبة عليها، بل تبقى هكذا بدون جواب حتى تبقى موجودة ومستمرة، لأن استمرارية السؤال يكفل استمرارية الظاهرة دون علاج أو تقنين أو معرفة لطبيعة الأشياء والدقائق والمشاعر الباعثة على اتخاذ مثل هذه المواقف .

ربما يبدوا الكلام متشابكاً نوعاً ما أو غير مفهوم في كثير من جوانبه، لكن حقيقة تتخذ بعض الظواهر بعداً جمالياً لتمنعها على الفهم، ولبقاء أسرارها بعيدة عن متناول العقل والقدرة على الحل والكشف .

إن هؤلاء المجاهدين العاديين ربما، الذين يشبهوننا في كثير من الأشياء والتفاصيل، الذين يعيشون معنا في كل مكان وينتشرون هنا وهناك، يمنحهم الثقة بالموت حياتين لكلٍ منهما تراتبية خاصة، فهناك الحياة العادية التي يعيشها الجميع وهناك الحياة الخاصة بالمجاهد، الحياة التي يجد فيها نفسه وكينونته الحقيقية، الحياة التي يستطيع أن يكون فيها نقياً وصافياً من كل الشوائب، الحياة التي تمكنه من الاقتراب من الله أكثر فأكثر، تلك الحياة التي توهب له خاصة عن سائر الناس، فيها يحلق عالياً يجوب الأفق طولاً وعرضاً .

إن فقه "اللا عودة" أي تعميم القاعدة التي تقول بأن الحياة مجرد استثناء وأن كل يوم يجيء هو عمر جديد تجعل من زمن الحياة شريطاً طويلاً من الأعمار المتتالية، على نسق الصحابي الذي لم يصبر على أكل عدة تمرات مخاطباً نفسه "إنها لحياة طويلة"، هذا الفقه الجهادي الذي اطلق لسان الخليفة الأول ناصحاً لنا "اطلبوا الموت توهب لكم الحياة" هو بمثابة منهج حياة، يجب أن يدرس وأن يصبح في فقه كل فرد من أفراد الأمم المحتلة، هذا يعني أنه طالما بقي مستعمر واحد في أرض المسلمين فهذا يعني أن كل شخص قد آمن بهذا الفقه قد ينتهي به المطاف كما انتهى بسعيد الحوتري وعزالدين المصري وعبد الباسط عودة، حينها سيكتب التاريخ عبرة دموية مفادها أن استعمار بلاد المسلمين مجرد "مغامرة خاسرة" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق