الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

فيما يتعلق بأحداث 11/سبتمبر "أمريكا التي تنهار"







تقترب ذكرى عمليات 11 سبتمبر، وتقترب معها أيضاً كل النقاشات المملة والعقيمة حول حقيقة من نفذ العملية أهي القاعدة أم وكالة الإستخبارات الأمريكية، وحول موقف الإسلام من هكذا عمليات، وضرر مثل هذه العمليات على العالم الإسلامي، وخلف كل هذه النقاشات المستفيضة التي لن تحسم تقصف الطائرات الأمريكية بدون طيار الأسر والعزل في باكستان واليمن، وتزرع موتها في أفغانستان وغيرها، وهذا كله ليس غريباً .


لكن الغريب والمثير حقاً هو مقدرة المركز الأمريكي على إبقاء جراحه ومآسيه حديث العالم كله دائماً، بينما هو يطوي مآسي الآخرين سواء تلك التي تسبب بها أو التي لم يتسبب بها، ويملأ الدنيا عويلاً عليها وحولها، ويُشعر المتهم بها بالنقص والخجل ويجبره على الدفاع الكلامي السلبي، المتمثل بالخجل من عقائده النقية التي يشتبه بتحريضها عليه، كالجهاد والولاء البراء ومحاربة الطغاة وموقف الإسلام من السيف والبندقية وحاكمية الشريعة، بل ويمعن بإستغلال مآسيه بقبح لفرض أفكاره وتوجهاته وتصوراته الكونية على جميع الحضارات الأخرى المهمشة والضعيفة أو تلك التي تظهر له نوعاً من المقاومة والتحدي .

في تعقيبه حول عمليات 11 سبتمبر يقول الكاتب والمفكر ماتياس بروكز في كتاب له عن العملية وآثارها-وهو من المؤمنين بمسؤولية الاستخبارات الأمريكية عن العملية- : "إسأل من فعلها، ولكن لا تسأل بحق السماء لماذا فعلها؟" هذه الجدلية الذاتية التي طرحها هذا الكاتب لم تعيها مطلقاً الدولة الأمريكية الطاغوتية ولا شعبها المضلل، والعملية نفسها بدلاً أن أن تعيد العقل الأمريكي لرشده وصوابه بخصوص سياسته في المشرق العربي وبقية أنحاء العالم وذلك عن طريق السؤال الذي طرحه الوجدان الأمريكي بقوة بعد العملية "لماذا يكرهوننا؟"

لكن جواب هذا السؤال الفلسفي الحقيقي لم يأتي، وبل وحصلت ردة فعل عكسية سببها الشعور الفوقي الحضاري والمقدرة على سحق الآخر بترسانة عسكرية جبارة، وبدل أن تكون الإجابة سبيلاً وتمهيداً لإصلاح علاقة أمريكا مع دول العالم المستضعفة من خلال وعي الشعب بحجم المآسي والمجازر التي اُرتكبت بحق العالم جاء الجواب مضحكاً وسخيفاً، وهي أن سبب الكره هو "الحسد" من الحضارة الأمريكية لا أقل ولا أكثر .

فأعلنت الإدارة الأمريكية من وقتها الحرب على الإرهاب، وفق شعار إرهابي مفاده "من لم يكن معنا فهو ضدنا" وفي تأكيد على صليبية الحملة الأمريكية الجديدة لإثارة الشعور الإسلامي وإغضابه، وجاء بعد ذلك تبرير مثقفي السلطان الأمريكي داخل الولايات المتحدة لتبرير هذه الحرب وتبنيها في بيان للمثقفين الأمريكيين بعنوان "على أي أساس نتقاتل" أنتصر فيه هؤلاء لقيم الحضارة الغربية وأكدوا على مواجهة الإرهاب وملاحقته في تبني ضمني لنظرية "صدام الحضارات" التي بشر بها صاموئيل هانتنغتون، هذه الحرب التي أبادت مجتمعات كاملة، ومزقت دولاً قائمة، ونشرت الخراب والدمار في كل مكان حلت فيه آلة القتل الأمريكية الإجرامية .

آن الأوان لتقول شعوب العالم للطاغوت الأمريكي "اخرس" فمآسينا لا تعد ولا تحصى، مآسينا شابت لهولها الولدان، وضجت لفداحتها المآذن والكنائس والمعابد، أو على الأقل وهذا أضعف الإيمان، أن نتذكر ما حصل لنا تاريخياً كما نتذكر ما حصل لأمريكا في الضربة الموجعة التي وجهها الشيخ الشهيد لها قبل سنوات .