الجمعة، 15 مارس 2013

ولادة الأسطورة السورية وعودة أشاوس حطين !





في الوعي الإسرائيلي التاريخي ليس هنالك أسوء من قراءة حدثين مهمين في التاريخ الإسلامي وكلاهما يشكل رافداً مهماً وعنصراً أساساً في النفسية الجهادية الإسلامية المتعطشة لمواجهة الدولة الإسرائيلية وهما جلاء خيبر بعد الفتك بهم في بني قريظة ومعركة حطين التي شكلت منعطفاً أساسياً في مواجهة الحروب الصليبية ورد عاديتها وتحرير باقي الديار الإسلامية من الممالك الصليبية الاستيطانية .

فخيبر في الوعي الإسلامي تشكل القدوة الحقيقية في نظرة المسلمين للدولة الإسرائيلية الآن، وتبعث في الوجدان الجمعي ضرورة تطهير فلسطين وإخراج بني إسرائيل منها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم معهم سابقاً في جزيرة العرب، لذلك كان الرد العربي تجاه الشعار الإسرائيلي الذي كان متداولاً جداً في الأوساط اليهودية "محمد مات وخلف بنات" هو "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود" وعندما انطلق هذا الشعار في الانتفاضة الأولى من قبل شباب التيار الإسلامي أنذاك تسبب في زلزال فكري وثقافي في الأوساط الفكرية الإسرائيلية كحال ذلك الجدل الذي أطلقته مقولة نصر الله عقب تحرير الجنوب اللبناني "إن إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت" .

أما حطين فهي تحتل مكانة تاريخية عظيمة ومهمة في التاريخ الإسلامي وتشكل حدثاً إلهامياً يضيف رصيداً معنوياً هائلاً في النفسية العربية الجمعية، فتشابه الأوضاع العربية الحالية مع الأوضاع التي سبقت معركة حطين فضلاً عن الظروف التي رافقت المعركة من توحد أكبر دولتين في المنطقة "الشام ومصر" ووجود القائد النموذجي "صلاح الدين" وسريان الروح الجهادية مرة واحدة ومردودها الإيجابي على سير المعركة والأهم هو طريقة التعامل مع أي استيطان خارجي وكيفية مواجهته وكذلك مصيره، كل ذلك يؤدي بأي قراءة موضوعية للتاريخ وخاصة فترة الحروب الصليبيين أن يتعظ جيداً من مصير الاستيطان الصليبي، هذا الدرس الذي وعاه جيداً الجنرال الإسرائيلي شلومو باوم مبدي قلقه في تصريح قبل شهور للصحافة الإسرائيلية قائلاً : "أزعجتني قدرة صلاح الدين على بعث نهضة العرب من جديد وتنظيم صفوف قواته بعكس المنطق الذي تمليه موازين القوى العسكرية، حيث كانت أوضاع المسلمين قبل معركة حطين تشبه من حيث موازين القوى أوضاع العرب حاليا ،ودويلاتهم كانت تقوم بدور كلب حراسة للصليبين"

لذلك ومن خلال هذين الدرسين المهمين يمكن دراسة الموقف الإسرائيلي وطبيعة نفسيته ومخاوفه منا كعرب نحيط به من كل الاتجاهات ونرضع أولادنا كرهه وضرورة الثأر منه واسترداد فلسطين التي ترسخت في العقل الجمعي العربي كقضية مركزية تهم العرب والمسلمين جميعاً وتأخذ عدا عن البعد الإسلامي لها بعداً إنسانياً وثورياً عالمياً .

وعليه يمكن فهم التخوف الإسرائيلي من كل الثورات العربية، وخاصة الثورة المصرية والسورية واللاتي أصبحن يشكلن هوساً كبيراً لديه طوال الوقت، فعدا عن الخوف من توحد هذين البلدين كما حصل في عهد جمال عبد الناصر فإن الخوف من تغير النفسية العربية بعد استرداد الروح المعنوية نتيجة صمود المقاومة الفلسطينية واللبنانية وتوجيهها ضربات مؤلمة وقاسية للدولة الإسرائيلية يشكل أحد أبرز محطات الخوف الإسرائيلية في هذه الأوقات .

فالثورة السورية مثلاً وبعد ثلاثة سنوات من عنفوانها أودت بحياة ستين ألف شهيد ومئات الالاف من الجرحى والملايين من اللاجئين عدا عن حجم الدمار الهائل في ربوع الدولة كذلك الحال مع المد الثوري الجهادي الذي اجتاح أوساط الشباب السوري وتسابق الشباب العربي للجهاد في سوريا كذلك ذلك أوجد شعباً صابراً ومرابطاً وشباباً مقاتلاً وثورياً حتى الرمق الأخير، ليدخل شعب عربي -هو الشعب الوحيد الذي لم يوقع نظامه اتفاقية سلام مع اسرائيل- كامل تجربة جهادية وثورية ستشكل إضافة معنوية هائلة لرصيده التاريخي الثوري، فقيم الثورة والشهادة والاستشهاد والجهاد ومواجهة الظلم والطغيان تشكل ركائز أساسية في النفسية السورية بعد الثورة، هذه التجربة ستؤهل هذا الشعب مستقبلاً لتحمل أي حرب تحررية، وستعطيه دفعة هامة لتحرير الجولان من الكيان الإسرائيلي .

الأحد، 10 مارس 2013

في ضرورة تعميم فقه "اللا عودة"





الزهد في الحياة هذا هو عنوان مجاهد صادحاً يشدو سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى، فَتصغُر الدنيا في عينيه وتخبوا آمالها رويداً رويداً حتى تصبح الحياة عبئاً ثقيلاً على كاهليه، فيمضي بها قائداً ورائداً وتكون له السيادة المطلقة على نفسه والسلطة التامة في توجيهها حيثما شاء .

عندما تتساءل قليلاً متعجباً ومندهشاً ما الذي يفكر فيه شاب يدرك يقيناً أنه سيعود في يوم أشلاء أو جثة مسربلة بالدماء ؟ كيف يتأقلم مع طبيعة الفكرة ذاتها وفي نفس الوقت عليه أن يعتاد على حركة الحياة الدائبة المستمرة ؟ كيف يوفق بين طبيعة النهاية وحقيقة الواقع ؟ 

الأصل أن هذه الأسئلة يكمن جمالها في عدم وجود أجوبة عليها، بل تبقى هكذا بدون جواب حتى تبقى موجودة ومستمرة، لأن استمرارية السؤال يكفل استمرارية الظاهرة دون علاج أو تقنين أو معرفة لطبيعة الأشياء والدقائق والمشاعر الباعثة على اتخاذ مثل هذه المواقف .

ربما يبدوا الكلام متشابكاً نوعاً ما أو غير مفهوم في كثير من جوانبه، لكن حقيقة تتخذ بعض الظواهر بعداً جمالياً لتمنعها على الفهم، ولبقاء أسرارها بعيدة عن متناول العقل والقدرة على الحل والكشف .

إن هؤلاء المجاهدين العاديين ربما، الذين يشبهوننا في كثير من الأشياء والتفاصيل، الذين يعيشون معنا في كل مكان وينتشرون هنا وهناك، يمنحهم الثقة بالموت حياتين لكلٍ منهما تراتبية خاصة، فهناك الحياة العادية التي يعيشها الجميع وهناك الحياة الخاصة بالمجاهد، الحياة التي يجد فيها نفسه وكينونته الحقيقية، الحياة التي يستطيع أن يكون فيها نقياً وصافياً من كل الشوائب، الحياة التي تمكنه من الاقتراب من الله أكثر فأكثر، تلك الحياة التي توهب له خاصة عن سائر الناس، فيها يحلق عالياً يجوب الأفق طولاً وعرضاً .

إن فقه "اللا عودة" أي تعميم القاعدة التي تقول بأن الحياة مجرد استثناء وأن كل يوم يجيء هو عمر جديد تجعل من زمن الحياة شريطاً طويلاً من الأعمار المتتالية، على نسق الصحابي الذي لم يصبر على أكل عدة تمرات مخاطباً نفسه "إنها لحياة طويلة"، هذا الفقه الجهادي الذي اطلق لسان الخليفة الأول ناصحاً لنا "اطلبوا الموت توهب لكم الحياة" هو بمثابة منهج حياة، يجب أن يدرس وأن يصبح في فقه كل فرد من أفراد الأمم المحتلة، هذا يعني أنه طالما بقي مستعمر واحد في أرض المسلمين فهذا يعني أن كل شخص قد آمن بهذا الفقه قد ينتهي به المطاف كما انتهى بسعيد الحوتري وعزالدين المصري وعبد الباسط عودة، حينها سيكتب التاريخ عبرة دموية مفادها أن استعمار بلاد المسلمين مجرد "مغامرة خاسرة" .

تناقضات الموقف بين يزيد وبشار





دائماً ما تكون الدروس التاريخية جزءً من منظومات القيم الاجتماعية والأخلاقية لأي جماعة أو أمة تعيش على نسق من المبادئ والأفكار والعقائد المختلفة، حيث يشكل التاريخ الجانب التطبيقي الأهم لأفكار وأحلام الأمم الانسانية، ومعظم المذاهب والتيارات الدينية والاجتماعية والفكرية والأخلاقية نشأت وقامت على أحداث تاريخية مفصلية أثرت بشكل كبير على فهمها وأدبياتها .

وهذا يعني أن استمداد أي جماعة لأدبياتها ومبادئها من بعض الأحداث التاريخي المفصلية يلزمها الوفاء الكامل لتلك المبادئ والقيم، وفي حالة النكوص ومخالفة هذه المبادئ في حدث تاريخي آخر شابه للحدث المنشئ للجماعة سيؤدي لخلخة كبيرة في مشروعية هذه الجماعة ومصداقيتها مما يؤدي في النهاية المطاف لإندثارها في أسوء الأحوال وفي أحسنها إلى تقليص نفوذها وسحرها المستمد من الالتزام بتلك المبادئ .

وتشكل الثورة الحسينية ضد يزيد بن معاوية في صدر التاريخ الإسلامي أحد أهم أحداث التاريخ الإسلامي وأكثرها مفصلية لدى الكثير من المذاهب الإسلامية، حيث كانت نقطة فاصلة في فكر المذهب الشيعي مثلاً وكياً للوعي السني حول فكرة الشورى القرآنية مقابل فكرة التوريث الملكي، كما أنها تشكل إلهاماً تاريخياً إنسانياً لكثير من المؤرخين والمفكرين ولشريحة عريضة جداً من المسلمين في كل ربوع الأرض بسبب ما تحويه من عبر سطرها آخر حفيد لآخر نبي على وجه هذه البسيطة .

وهذا يلزم أي شخص أو تيار يتخذ من الحسين عليه السلام نموذجاً حياً وعبرة تاريخية كبرى ضرورة الوفاء لمبادئه ولمبادئ ثورته وأولها مشروعية الثورة ضد الظلم وتأييدها بكل الوسائل والسبل وبذل الدماء والأرواح والأموال في سبيل ذلك، تلزمنا ثورة الحسين تأييد المظلومين والمستضعفين في كل مكان وكره وبغض الطغاة والمجرمين في أي وقت وحين مهما تعددت وتنوعت مشاربهم ومللهم ونحلهم وألوانهم .

فكيف يؤمن البعض بشرعية ثورة الحسين عليه السلام ويلعنون يزيد ليل نهار ويتهجمون على والده بسبب ما ابتدعه من بدعة التوريث وفي نفس الوقت يهاجمون الثورة السورية بكل حدة ويمدحون بشار ويثنون عليه وعلى والده وما فعلوه وأضافوه للأمة في سبيل مواجهة النفوذ الإسرائيلي في المنطقة ؟

وهل مدح بشار وتأييد نظامه يندرج تحت بند الوفاء لآل البيت عليهم السلام وضرورة تقفي منهجهم وآثرهم وتاريخهم المليء بالثورات والوقوف بجانب المستضعفين ومهاجمة المستبدين والطغاة في معظم فترات التاريخ الإسلامي ؟ 

حقيقة يجب أن يراجع الإنسان نفسه وأن يجري مسحاً دورياً لكل مبادئه التي يؤمن بها وأن يسقطها على أرض الواقع، أن يسقطها على تعاملاته وتحالفاته واستراتيجياته وأهدافه وأن يسدد ويقارب بينها وبين واقعه الموجود، وفي حالة اتسعت الفجوة بين ما يؤمن به وبين ما يفعله وتناقضت أحياناً عليه أن يدرك أن هذه الآية دليل على قرب النهاية وضياع القيمة والمكانة .

الجمعة، 8 مارس 2013

اللحظات الأخيرة





شريط الحياة المصور الذي يمر في لحظات معدودات أمام عيني شاب مُحزَّم بالمتفجرات ما زال لحد هذه اللحظة يشغل بالي كشخص يدرك قيمة الحياة بكل معانيها وأجزاءها، ولا تزال تلك النبضة القلبية المتوقدة التي تدفع إبهام اليد اليمنى للضغط على "كبسة" التفجير أمراً محيراً يعجز عن وصفه العارفون بأحوال الرجال .

ليس من السهل على الإنسان أن يتخذ قراراً بسيطاً يترتب عليه بعض النتائج ذات الأثر المحدود، ذلك أن القدرة على إتخاذ القرارات تحتاج لنفسيات خاصة وقوية لديها القدرة على تحمل التبعات والنتائج، وعليه فإن القرارات التي يترتب عليها إنهاء الحياة بشكل إرادي لتحقيق أهداف سامية تحتاج لطراز فريد من النفسيات المعدة جيداً لأعلى مراتب الشهادة، ولذلك ليس من المستغرب أن يمر خبر مقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين شخصاً بشكل عابر ودون أن يثير أي أهمية في عصر هبطت فيه قيمة الإنسان المظلوم لأسفل الدركات الدنيا، لكن يكفي أن يتخذ شاب قراراً إرادياً بالموت بعد أن يردي عدة من أفراد العدو هلكى لكي تتبارى وسائل الإعلام لتغطية الخبر، فأنت أمام مشهد فريد من مشاهد العظمة الإنسانية التي لا تتكرر كثيراً .

لقد وصف الله عزوجل المجاهدين بالرجال في كتابه الحكيم وكافأ الشهداء دوناً عن غيرهم بالحياة الأبدية السرمدية بجواره إلى يوم يبعثون، وجعل لهم في قلوب الناس مكانة ومحبة، كل ذلك لعلة ظاهرة وأخرى باطنة لا يعلمها إلا هو، فأما الظاهرة فلكون  قرار الشهادة يحتاج لصنف خاص من المُخلَصين الأتقياء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولأن اقتحام طريق ذات الشوكة ليس بالأمر السهل المحبب للنفوس، فالشهادة هي أوضح درجات الاصطفاء .

لقد رأيت ذلك الوميض المشرق في العيون الراحلة، تلك النظرات التي تخترق الأفق البعيد تحلق في السماء اللا محدودة، لاحظت تقاسيم الوجوه المشرقة وبوصلة العيون والشفاه، كل تلك الأشياء ما زلت استنبطها من عبرات الاستشهاديين والشهداء، ما زلت أقتفي أثرها، إنك تنظر للوهلة الأولى ثم تتذكر أن هؤلاء قد اتخذوا قراراً بالموت .. بعدم الرجعة .. بترك كل شيء .. فتعجز عن التفكير ثم تستدرك نفسك برهة حتى تهتز أرجاؤك لصوت جميل يُبعث من داخلك مردداً "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون" .

"التهافت" عنوان لظاهرة التجمعات الشبابية الجديدة





حالة الركود السياسي واليأس الثوري الذي يعصف بالشعب الفلسطيني منذ سنوات بعد قمع نتائج الانتفاضة الثانية بسبب الأخطاء السياسية التي وقعت بها التنظيمات الفلسطينية وخاصة تنظيم السلطة الفلسطينية فتح فضلاً عن بعض محطات الفشل وأوجه القصور التي رافقت تجربة حركة المقاومة الإسلامية حماس في معترك الحكم والسلطة عدا عن الطفرة الالكترونية والتقنية الحديثة التي فجرت ثورة معرفية هائلة كل ذلك أدى الى بروز ظاهرة جديدة في الوسط السياسي الفلسطيني متمثلة ببعض التنظيمات الشبابية الجديدة المتحللة من الروابط التنظيمية والانتماءات الحزبية والتي تعلن في برامجها وأدبياتها أن الانتماء لفلسطين وحده - وهذا شعار تنظيري ليس له نصيب من الواقع- فضلاً عن مهاجمة الأحزاب الفلسطينية واتهامها بحالة التردي التي وصلت اليها القضية الفلسطينية .

ومن الملاحظ أن الكثير من هذه التجمعات الشبابية تنزع نحو الفكر اليساري أو الليبرالي غالباً، وخاصة لو علمنا أن شباب التيار الإسلامي معظمه مؤدلج ومنظم داخل تنظيمات إسلامية حيوية وفعالة وناجحة تنظيمياً وتتحرك وتنفذ برامجها بكل نشاط مما يعطي دافعية لأبناء التيار الإسلامي بالبقاء في تنظيماتهم وعدم مغادرتها بعكس أبناء التيارات اليسارية والليبرالية والتي فقدت محاضنها التنظيمية والشعبية وأصبحت لا تلبي طموحات أفرادها ومعتنقي فكرها مثل الجبهة الشعبية وحركة فتح مما يؤدي لهروب أبناء وأنصار هذه التنظيمات والتيارات لتجمعات آخرى ينئون فيها عن نكسات ومواقف هذه التنظيمات المخزية في كثير من الأحيان فضلاً عن تهلهلها التنظيمي .

ولذلك من الملاحظ وجود عداء "فكري" و "أيديولوجي" تجاه التيار الإسلامي، أي كره ومقاومة لأدبيات هذا التيار ومبادئه نفسها بعكس العلاقة العدائية مع حركة فتح والمتمثلة بعداء لواقع فتح الموجود وامتعاض من الحالة التي وصلت اليها لا عداء لأدبيات وأصل ومنشأ الحركة، مما يجعل مواقف هذه التجمعات وأحكامها تجاه الانقسام الفلسطيني وطرفيه غير عادلة في معظم الأحيان وغير صحيحة .

قد تكون التنظيمات الفلسطينية مصابة بالكثير من الأمراض السياسية نظراً لعهدها الجديد وعدم خبرتها في فقه الحياة الحزبية والتنظيمية وغلبة النزعة العسكرية عليها، لكن هذا لا يمنع من ذكر انجازات التنظيمات الفلسطينية وخاصة حركة حماس في العقدين الأخيرين خصوصاً في مجال المقاومة وتثبيت الحق الفلسطيني ومواجهة الإحتلال الإسرائيلي وحجم التضحيات التي بذلت من أجل القضية الفلسطينية، كل ذلك يوجب علينا من الناحية الأخلاقية ضرورة التفرقة بين "النقد" الصحيح وبين "التهجم" الوقح ومحو انجازات وتضحيات هذه التنظيمات بجرة قلم أو بمسبة لا أخلاقية "كعادة الكثير من شباب هذا التيار" .

فالقضية الفلسطينية أكبر من أن يمثلها مجموعة من الشباب الساخط والذي لا يتقن إلا فن التنظير البارد والقاء اللوم على الجميع، بينما لا يوجد له أي نشاط سياسي وثوري يحقق فائدة أو يضيف رصيداً جديداً لحركة التحرر الوطني، ليس من العدل المقارنة بين الشباب المنظم والمنضوي تحت أحزاب مقاومة وثائرة تكد وتتعب ويبذل فيها شبابها أرواحهم وأوقاتهم في سبيل التحرر وبين شباب لا يجيد إلا استغلال هذه التضحيات والصعود عليها في أوقات التضحيات والتصعيدات ثم مهاجمتها وسبها وشتمها في الظروف العادية أو في حالة وقوع بعض التنظيمات في أخطاء فردية أو جماعية .

كل ذلك يجعلنا نضع عنواناً عريضاً لنشاطات التجمعات الشبابية الجديدة وطبيعة تأثيرها وهو "التهافت" .