الجمعة، 8 مارس 2013

"التهافت" عنوان لظاهرة التجمعات الشبابية الجديدة





حالة الركود السياسي واليأس الثوري الذي يعصف بالشعب الفلسطيني منذ سنوات بعد قمع نتائج الانتفاضة الثانية بسبب الأخطاء السياسية التي وقعت بها التنظيمات الفلسطينية وخاصة تنظيم السلطة الفلسطينية فتح فضلاً عن بعض محطات الفشل وأوجه القصور التي رافقت تجربة حركة المقاومة الإسلامية حماس في معترك الحكم والسلطة عدا عن الطفرة الالكترونية والتقنية الحديثة التي فجرت ثورة معرفية هائلة كل ذلك أدى الى بروز ظاهرة جديدة في الوسط السياسي الفلسطيني متمثلة ببعض التنظيمات الشبابية الجديدة المتحللة من الروابط التنظيمية والانتماءات الحزبية والتي تعلن في برامجها وأدبياتها أن الانتماء لفلسطين وحده - وهذا شعار تنظيري ليس له نصيب من الواقع- فضلاً عن مهاجمة الأحزاب الفلسطينية واتهامها بحالة التردي التي وصلت اليها القضية الفلسطينية .

ومن الملاحظ أن الكثير من هذه التجمعات الشبابية تنزع نحو الفكر اليساري أو الليبرالي غالباً، وخاصة لو علمنا أن شباب التيار الإسلامي معظمه مؤدلج ومنظم داخل تنظيمات إسلامية حيوية وفعالة وناجحة تنظيمياً وتتحرك وتنفذ برامجها بكل نشاط مما يعطي دافعية لأبناء التيار الإسلامي بالبقاء في تنظيماتهم وعدم مغادرتها بعكس أبناء التيارات اليسارية والليبرالية والتي فقدت محاضنها التنظيمية والشعبية وأصبحت لا تلبي طموحات أفرادها ومعتنقي فكرها مثل الجبهة الشعبية وحركة فتح مما يؤدي لهروب أبناء وأنصار هذه التنظيمات والتيارات لتجمعات آخرى ينئون فيها عن نكسات ومواقف هذه التنظيمات المخزية في كثير من الأحيان فضلاً عن تهلهلها التنظيمي .

ولذلك من الملاحظ وجود عداء "فكري" و "أيديولوجي" تجاه التيار الإسلامي، أي كره ومقاومة لأدبيات هذا التيار ومبادئه نفسها بعكس العلاقة العدائية مع حركة فتح والمتمثلة بعداء لواقع فتح الموجود وامتعاض من الحالة التي وصلت اليها لا عداء لأدبيات وأصل ومنشأ الحركة، مما يجعل مواقف هذه التجمعات وأحكامها تجاه الانقسام الفلسطيني وطرفيه غير عادلة في معظم الأحيان وغير صحيحة .

قد تكون التنظيمات الفلسطينية مصابة بالكثير من الأمراض السياسية نظراً لعهدها الجديد وعدم خبرتها في فقه الحياة الحزبية والتنظيمية وغلبة النزعة العسكرية عليها، لكن هذا لا يمنع من ذكر انجازات التنظيمات الفلسطينية وخاصة حركة حماس في العقدين الأخيرين خصوصاً في مجال المقاومة وتثبيت الحق الفلسطيني ومواجهة الإحتلال الإسرائيلي وحجم التضحيات التي بذلت من أجل القضية الفلسطينية، كل ذلك يوجب علينا من الناحية الأخلاقية ضرورة التفرقة بين "النقد" الصحيح وبين "التهجم" الوقح ومحو انجازات وتضحيات هذه التنظيمات بجرة قلم أو بمسبة لا أخلاقية "كعادة الكثير من شباب هذا التيار" .

فالقضية الفلسطينية أكبر من أن يمثلها مجموعة من الشباب الساخط والذي لا يتقن إلا فن التنظير البارد والقاء اللوم على الجميع، بينما لا يوجد له أي نشاط سياسي وثوري يحقق فائدة أو يضيف رصيداً جديداً لحركة التحرر الوطني، ليس من العدل المقارنة بين الشباب المنظم والمنضوي تحت أحزاب مقاومة وثائرة تكد وتتعب ويبذل فيها شبابها أرواحهم وأوقاتهم في سبيل التحرر وبين شباب لا يجيد إلا استغلال هذه التضحيات والصعود عليها في أوقات التضحيات والتصعيدات ثم مهاجمتها وسبها وشتمها في الظروف العادية أو في حالة وقوع بعض التنظيمات في أخطاء فردية أو جماعية .

كل ذلك يجعلنا نضع عنواناً عريضاً لنشاطات التجمعات الشبابية الجديدة وطبيعة تأثيرها وهو "التهافت" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق