من قال أن هولاكو مات ؟ وأن روحه الملعونة قد قبرت في مهدها وتاريخها
؟ وأن تلامذته النجباء قد أصبحوا نسياً منسياً ؟
ربما كنا سنصدق هذه " النبوءة " لو لم نرى فظائع " النظام
الأسدي المجرم " في أرض الشام أو " تعامينا " بقصد أو بدون قصد عن تلك
المذابح التي يندى لها جبين أمة عريقة في تاريخها وحضارتها ، لكن بعدما رأينا وشاهدنا
وعاينا وبكينا وفجعنا ، أيقنا وأدركنا بأن هولاكو لم يمت وأن روحه تسري في طغاة البشر
تاريخاً بعد تاريخ وأن منهجه " التتري " محفوظاً عن ظهر قلب لدى الكثير من
الوحوش البشرية
إنهم يحرقون الشام مهد الحضارة وأرض الريادة وصاحبة السيادة ، تلك المنارة
الشامخة في جبين التاريخ الانساني والعربي والإسلامي ، يقتلون أبنائها ونسائها وشيوخها
، يهدمون المنازل ويدمرون المساجد ويحرقون الأحياء ، ويغنمون كرامة شعب ثائر صابر ما
تلبث أن تضيع من أيديهم أيضاً .
لقد عاد هولاكو هذه المرة بوجه جديد وبجيش جديد وبمنهجه " الإجرامي
" و " والاستباحي " و " الدامي " المعتاد ، عاد بجيشه ليحرق
الأرض ويغتصب العرض ويدنس المقدسات ، عاد بوجه " أسدي " بغيض وبعباءة
" بعثية " حقيرة وبشعار ممانع كذوب .
لكن مفاجأة الزمان أن شعوب هذه المرة رفضت أن تسلم رقابها للذبح التتري
، وأن تنتظر في ذهول قيام الجزار بتسنين " سيفه " ليعود ويعمل فيهم ذبحاً
وقتلاً كما فعل السابقون ، ولكنها انتزعت كرامتها بيمينها وأقسمت أن تحفر قبر جلاديها
بشمالها ، وأنها لن تستسلم للقمع والقتل والتذبيح بعد اليوم ، إنه القدر المكتوب وسنة
التاريخ الكونية أن الأوان لأي شيء لو جاء فلن تستطيع كل قوى الأرض أن تمنع حصوله ،
وحرية الشعوب آن أوانها وأزفت مواعيدها رغماً عن أنف التتري القابع خلف القلاع والحصون
.
ليدرك التتري البعثي أن لكل " هولاكو " قطز عظيم ، وإن روح
هولاكو لو تجسدت في شخص بغيض ، فإن روح سيف الدين قطز ستنبعث في ملايين النفوس الشامية
، لتسطر " عين جالوت " خالدة أبد الدهر ، إن لم يمت هولاكو حقاً فإن سيف
الدين لم ولن يموت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق