الاثنين، 2 يوليو 2012

يا طيراً لعكا قد غرَّد ..




لم يكن النظر لعكا يوماً ما مشهداً اعتيادياً في حياتي اليومية ، إن إرسال ومضات العيون لتتأمل في " أسوار " تلك المدينة العصية يبث في قلبك قليل من الأسى وكثيراً من الأمل ، فعلى هذه الجدران المنيعة تحطمت أساطيل الغازي من بعيد لتؤكد له ورغماً عن أنفه أن قلوب أهلها لا تقل بأساً عن هذه الأسوار المطلة على البحر .

إن التمسك بالنظر يومياً لعكا وأسوارها وبحرها وأزقتها وشوارعها القديمة لا يقل أهمية عن النظر لبيت المقدس صباح مساء ، أنا وإن كنت البعيد عنهما إلا أن قلوب المحبين تطوف في كل مكان عليهما مرسلة إليهما أشواقاً حزينة تحملها أطيار السنونو على اجنحتها ، فالعيون والقلوب ترحل إليهما كل يوم ، إن هذا الطقس تأكيدٌ على التمسك بفلسطين كلها من بحرها إلى نهرها ومن شمالها إلى جنوبها ، إن التمسك بأسوار عكا تمسك بتاريخ عريق من الجهاد والكفاح العربي الإسلامي على مدار قرون من الزمن ، ووفاء لدماء طاهرة أريقت في الدفاع عن ثرى فلسطين ومدنها في كل حملة صوبت نحو فلسطين ، إن النظر لعكا يتعدى حدود النظر إلى رمزية الهوية الأصيلة لنا التي نرفض أبداً التفريط ولو بشبر واحد من أرضنا السليبة .

إنها رمزية المكان التي تبث في قلبك الحنين إلى الوطن ، إنها الأشياء التي تجعلك تفكر في بلادك كل يوم ، تبكي عليها في الصلاة وفي الأعياد ، مهما مرت السنوات وعصفت بك شتى أنواع الملمات ، فلا يمكن لك أن تنسى برتقال يافا ولا زعتر الخليل ولا قبة الصخرة ولا يمكن أن تنسى سهول الجليل ولا حقول القمح في بيت دراس أو طبريا ولا يمكن أن تنسى أشجار الزيتون ولا كنيسة المهد ، كلها أماكن ربما تتغير وربما تختلف عن ذي قبل ، لكن " أيقونة " المكان ومظهره الذي تركناه يوم نكبتنا سيبقى هو هو في قلوبنا وعقولنا ، ولن نسمح بتغيير هذه الصورة القديمة والرمزية التي تدل عليها بتاتاً ، وسيتمسك بها الأجيال القادمة حتى تغذى نفسها بأسمى مشاعر الوطنية والإسلامية واضعة نصب عينيها ذلك الهدف السماوي المتمثل في تحرير فلسطين .

يا طيراً لعكا قد غرد
صوب الأسوار هناك حنيني
ما زلت صباحياً تنشد
يا وجع القلب أسمعت أنيني ...

يا عكا يبكيك قلبي
ما زال يذكرني الأقصى
يا عكا هذا قسمي
حبك في القلب سيبقى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق