أسوار عكا

الأربعاء، 8 مايو 2013

حماس بين ملف "المقاومة" وملف "الحكومة"




لم يعد يخفى على أحد حجم "الإبداع" بإدارة وقيادة ملف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والذي أشرفت عليه حماس منذ عقدين ونصف من الزمن، هذا الإبداع الذي تجلى في الحفاظ على مكتسبات المقاومة من جانب وتصفية مشاريع التصفية من جانب آخر، ومقاومة حماس حتى وإن شاب نظرتها الإستراتيجية بعض القصور إلا أن المسيرة العامة وبناءً على ماهية الظروف ونوعيتها وقسوتها تُظهر بوضوح نجاحاً متميزاً .

لكن -وهذا هو محور حديثنا الأهم- فيما يتعلق في ملف إدارة الحكومة في غزة وخصوصاً بعد حسم 2007 ففيه بعض التفصيل، ذلك أن حماس نجحت في جوانب وفشلت في جوانب أخرى، فشلت في قضايا من الطبيعي أن تفشل بها بسبب الظروف التي تعانيها في غزة وقضايا ليس من الطبيعي أن تفشل بها حماس بتاتاً، فملف الحكومة والذي ربما تتهاون به حماس ولا تدرك مدى خطورته ذلك أنه يشكل الجانب "التطبيقي" لنظريات حماس الشرعية وكذلك الثورية، فخطأ حماس سيتخذ ثلاثة أبعاد ملحقاَ الضرر بها، وهي "البعد الشرعي والبعد الثوري والبعد التنظيمي" فحماس في نظر الشعب ليست مجرد تنظيم فحسب، ولا مجرد تنظيم إسلامي فحسب، بل تنظيم إسلامي ثوري، وأي خطأ سيلحق ضرراً بهذه الأبعاد الثلاثة وما تشكله من أهمية في وعي الناس .

فأي نظام سياسي في العالم يقاس بثلاثة معايير "الأمن و التنمية و ملف الحريات" والحق أن حكومة غزة تمكنت من فرض الأمن والاستقرار في ظروف صعبة، وأما فيما يتعلق في ملف التنمية فقد حصلت عملية "إفشال" ممنهجة تمثلت في الحصار الخانق والمقاطعة الدولية والحروب المتوالية مما أدى لتفشي البطالة وعدم وجود مشاريع تنموية حقيقية و "نّكس" اقتصاد القطاع بشكل كبير جداً، وهذا أمرٌ يمكن تفهمه تماماً لكون "التنمية" الحقيقية لا تتصالح مع وجود "الاحتلال" ولكون مواقف حماس الثابتة سيكون لها ثمنها المتمثل في المقاطعة والحصار والحرب .

لكن الملف الذي "فشلت" فيه حماس عن طيب خاطر، وهو الفشل الذي لا يمكن تبريره والتغاضي عنه هو فيما يتعلق بملف الحريات العامة واحترامها، فسواء تعلق الأمر بقمع مظاهرات -بحجة عدم الترخيص- أو ملاحقة بعض أفراد التنظيمات -وخصوصاً السلفية منها- أو التعرض لبعض الصحفيين أو الاعتقال السياسي أو بتصرفات الأجهزة الأمنية في غزة .

فكان بمقدور حماس أن تشيع جواً حقيقياً من الحريات العامة دون أن يجلب لها هذا أي نوعٍ من الضرر أو السوء، وأن تجعل من قطاع غزة علامة من علامات الحرية السياسية والفكرية، وبعيداً عن كون هذا المبدأ سيلزم حماس باحترام مبادئ الدين الإسلامي التي تعطي لحرية الانسان أولوية مطلقة فإن هذا سيفيد حماس سياسياً ودولياً، فحكومة الضفة ستكون محرجة أمام الشعب وأمام نفسها فيما يتعلق بحملات الاعتقال السياسي التي تمارسها دورياً، كما أنه سيفكك الحاجز الذي بين حماس وبين الكثير من شرائح المجتمع، وكذلك -وهذا الأهم- ستبني مجتمعاً متماسكاً .

وعليه يجب على حكومة غزة أن تتخذ إجراءات فورية وسريعة لمعالجة ملف "الحريات العامة" قبل أن يعود هذا بالسوء على فكرة المقاومة نفسها، فحكومة حماس في ذهن عامة الناس هي حركة حماس التي ضربت الصواريخ والتي ترابط ليلاً ونهاراً والتي تحارب إسرائيل وهي حركة حماس ذات التوجه الإسلامي وحاضنة الأئمة والملتزمين، وعليه فسترتبط فكرة المقاومة بقمع الناس والتضييق عليهم، وسيتحول مشروع المقاومة لمشروع تسلطي قهري في أعين الناس، مما يقودنا لجدلية منتشرة في المجتمع الفلسطيني بأنه لا فرق بين "حكومة حماس" و "حكومة فتح" وأن كلاهما في نفس الكفة .

ومن هذه الإجراءات مثلاً عدم اشتراط الحصول على ترخيص لإقامة مظاهرة بل يكفي اخطار الداخلية -ولو تلفونياً- بها، واستثناء الترخيص على المناسبات الكبيرة كالمهرجانات المركزية وما شابهها، وكذلك وضع ميثاق قانوني وأخلاقي يحكم عمل الأجهزة الأمنية، فالملاحظ أن هذه الأجهزة لا تعرف ماذا تريد ولا تعرف ما هو طبيعة عملها، فيجرم ضرب الصحفيين وملاحقتهم، ويجرم الفض العنيف للتظاهرات، ويجرم الاعتداء على الناس والمخالفين، كذلك التوقف عن اصدار "القرارات المتخبطة" مثل حملات ملاحقة البنطال الساحل وحلق الرؤوس وملاحقة أي شاب وفتاة يمشون في الشارع والتي ما تلبث أن تتراجع عنها الحكومة عادة ثم تعيد تطبيقها ثم تتراجع وهكذا دواليك، ويجب أن تتذكر حماس مقولة الإمام الغزالي "الإجبار على الفضيلة لا يصنع مجتمعاً فاضلاً" .
مرسلة بواسطة Unknown في 7:09 م ليست هناك تعليقات:
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركة‏المشاركة على X‏المشاركة في Facebook‏المشاركة على Pinterest

الاثنين، 6 مايو 2013

البطل يصنع نفسه



البطولة لا تجيء هكذا، لا تُولد بدون وجع قسري، لا تأتي صدفة وبدون أي مقدمات، بل تُصنع بدماء طلابها، بجهدهم .. بتضحياتهم .. باللأواء التي يكابدونها في الطريق، هكذا أعرف البطولة وأعرف شبابها وفتيانها .

قد يكون هناك الكثير ممن هم أبطالٌ حقاً ولكننا لا نعلم عنهم شيئاً، هذا ليس مهماً، لأن المعرفة هنا لا تدل على شيء بقدر ما تدل على خيبتنا نحن، البعض بل وربما الكثير يستنفرون كل ذرة من أجسادهم في البحث عن رصاصة، في توفير القنبلة، قد يقتلون في اجتياح .. عملية .. اغتيال .. ثم يقبعون هناك في مربع النسيان، لكن يكفي أن يحيوا "العبرة" التي نستخلصها بسهولة من بطولة لم نعرف بطلها يوماً، أو ربما عرفنا واحداً ونسينا العشرات ممن يقفون خلفها .

إن حلم "البطولة" الذي راودني منذ الصغر وراود كثيراً من بني قومي قد عبر عن ذاته عندما حانت لحظة المفاصلة، تلك اللحظة التي تقرر إما أن تكون بطلاً أو تجلس على قارعة الطريق تتسول من الدنيا فتاتها، حينها تختار إما السلاح ومعه آثاره، وإما الطريق الآخر الذي لا يناسبك حقاً ولا يناسب قوماً كقومك غارقون في مستنقع الاحتلال .

أحياناً، ليس أحياناً فحسب بل في كثير من الأحيان تقنع نفسك أو ربما تحاول أن تقنعها، بأن البطولة قد أصبحت أمراً مبتذلاً، أو ربما قضية لا تستحق كل هذا التعب، بل وتتمادى في ذلك وتقول قد انتهى وقتها، أليس من الحماقة أن تفني عمرك في قضية قد تكون خاسرة ؟ أليس من المبتذل أن يكون الحديث في كل مكان وحلم بني قومك عنها ؟

لكن تمهل قليلاً، فالبطولة تجدد نفسها، وتتألق في كل مرة، وتعطيك إنطباعاً -عند حصولها- وكأنها حصلت للمرة الأولى، ألا تذكر كيف كانت كل عملية لها "وقع" مختلف ؟ وكلما خرجت في جنازة شهيد أدركت بأن مشاعرك تتفاعل تلقائياً ؟ أليس مع كل صاروخ يخرج تنتظم وطنيتك مجدداً ؟

ألا تتمنى مزيداً من عمليات خطف الجنود ؟ مزيداً من المواجهة ؟ مزيداً من نار الصواريخ ؟ مزيداً من الشهداء ؟ مزيداً من التحدي ؟

وحينها تجيب على نفسك، كل هذا يلزمه بطولة، بل طاقمٌ كاملٌ من الأبطال، كل طلقة تخرج يقف خلفها بطل، كل قطرة دم وجدتها بعد الاجتياح هي دم بطل، كل جنازة جددت فيك الروح هي جنازة بطل !

هكذا إذاً تصنع البطولة وتتجدد في دورات متتابعة، عقود من الزمن مرت على قومك، ماضٍ طويل يمتد ليصل لنقطة الحاضر ملخصه ثبات واقدام ومقاومة شرسة ما كانت لتكون لولا قوافل من الأبطال وشلالات من الدماء والتضحيات .

كل هذا يجبرك على استخلاص الدرس، الدرس الذي يجب أن يبقى محفوراً في قلبك للأبد، عنوان حياتك المستقبلية وهو أن البطل يصنع نفسه .
مرسلة بواسطة Unknown في 11:13 ص ليست هناك تعليقات:
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركة‏المشاركة على X‏المشاركة في Facebook‏المشاركة على Pinterest

الجمعة، 3 مايو 2013

مـقـاتـل الـثـائـريـن






كمية العارِ الذي أورثكَ إياه قومك شديدُ الوطأة على النفس، تستشعره لحظياً وفي كل حين، لابد أن ينغص عليك نهارك وليلك وأحلامك وأفكارك، يلاحقك في الأزقة والشوارع، يلاحق أنفاسك التي تدخل وتخرُج، يتسارع مع دقات قلبك المتعبة، يتربع على عرش الذاكرة رافضاً التنازل عن كرسيه المرموق .

ماذا حصل يا صديقي حتى نرث كل هذا العار ؟ ما ذنبنا إن كان أجدادنا وحكامنا مغفلين لهذا الحد، كيف تلاقحت الغفلة والجبن مع خيانة الأنظمة، وتناكحوا ليلاً ونهاراً فأنجبوا كل هذا العار الممتد على طول الخارطة الزمانية والمكانية .

أدري بأنك فقدرت القدرة على ربط الأحداث ووصلها مع الحوادث ببعضها البعض، لقد أصبحت هامداً ضعيفاً ذليلاً لا تقدر على الحراك، ورضيت بلفظة المستضعف لتجلب لنفسك الشفقة ظناً منك بأنها قد تجيء لك بالمنفعة، لكنك كنت مخطئاً تماماً، فالمشفقون يا رفيقي ينظرون إليك من عِل ويكتفون بإهدائك بعض المشاعر لا أكثر، لكنك لم تستوعب ذلك أبداً لأن عقلك أعلن اضرابه عن التفكر والتدبر .

يا صديقي كل هذا العار الذي بدأت تتلمس جوانبه وترفض طغيانه عليك سببه أنك لم تحب القنبلة كما يجب، لم تتغزل بها كما تغزلت بمحبوبتك، ألقيت مهمة حمل السلاح على غيرك، لظنك المبكي بأن وظيفتك ليست حمل السلاح، حسناً حسناً، ربما استطعت أن تقنع نفسك بعض الوقت بهذا، لكن هل كان ظنك كان صحيحاً ؟ ستسألني فسأجيبك بأنه ليس صحيحاً فحسب بل هو خائبُ مثلك، فتقاطعني وما الدليل فأصعقك متسائلاً وهل كان ظنك هذا يحميك من الشعور بالعار ؟ العار الذي أرقك كثيراً وطويلاً ؟

عليك أن تدرك يا صديقي العزيز بأن الشعور بالعار يلاحق المهزومين والجبناء، وأما الخونة فهم العار نفسه، العار الذي يقتل بعضه، وأما الذين رفضوا الفكرة وأقصد فكرة الرضى بالعار فهناك على الجبهات، أو ربما على الأكتاف، أولئك داسوا عليه بأقدامهم، حطموه ومزقوه ونثروا أشلائه على طول الجبهة .

وقد كان بالمقدور أن يتعايشوا معه، أن يوجدوا الصيغ التفاهمية ليصبحوا جزءاً منه، لكن أبداً ما كان هذا ولا سيكون، فكان الإبداع في الموت وفي الحياة على السواء، فأصبحت ترى فيهم كل شيء، تلمح ملامح الأمل البعيد، يصنعون الهوية ويسطرون التاريخ، وأما التكلفة فليست مهمة، فهي وإن كانت باهظة إلا أنها أسهل من شربة الماء .

نعم قد ترى أجسادهم ملقية على امتداد الجرح، أو ربما لا تجد إلا أشلاءً منها هنا وهناك، فترعبك فكرة الموت في ريعان الشباب، لأنك تظن بأن الإنسان عليه أن يعيش طويلاً طويلاً، لكن ليست هكذا المعادلة، فإن كنا نرى الأجساد الملطخة بالدماء قد توقفت عن الحراك، لكن كل هواجس الموت تتبدد عندما تشاهد وصاياهم .. صورهم .. مذكراتهم .. إنهم يبثون فيك الحياة من الجديد، يزيدونها قوة على قوة، يرفعون من منسوب الكرامة ويصعدون بها للذروة، فهنا لا يمكنك أن تتحدث عن موت عادي، أبداً .

وعليك منذ اللحظة، أن تتذكر عار العرب، العار الذي خلفك وأحلام أحفادك بأن لا يرثوه عنك، تفكر فيه جيداً، وهيء لنفسك مقتلة وملحمة، تُذكر بها كلما ذُكِرَت وتُذكَر هي بك كلما ذُكرت، وأورث أهلك بطولة صنعتها، أورثهم حزاماً ناسفاً وأنشودة جهادية، ووصية تذكرهم فيها بفضائل الموت الثوري، فما أجمل الثائرين وما أجمل مقاتلهم .
مرسلة بواسطة Unknown في 6:00 ص ليست هناك تعليقات:
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركة‏المشاركة على X‏المشاركة في Facebook‏المشاركة على Pinterest
رسائل أحدث رسائل أقدم الصفحة الرئيسية
الاشتراك في: الرسائل (Atom)

تابعني على تويتر

    انا على تويتر!

    يا وحشة الروح بل يا غربة الجسدِ

    Unknown
    عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

    الزاوية

    • ▼  2013 (14)
      • ◄  سبتمبر (1)
      • ◄  يونيو (1)
      • ▼  مايو (3)
        • حماس بين ملف "المقاومة" وملف "الحكومة"
        • البطل يصنع نفسه
        • مـقـاتـل الـثـائـريـن
      • ◄  أبريل (1)
      • ◄  مارس (6)
      • ◄  يناير (2)
    • ◄  2012 (26)
      • ◄  ديسمبر (1)
      • ◄  نوفمبر (1)
      • ◄  أكتوبر (1)
      • ◄  سبتمبر (13)
      • ◄  أغسطس (1)
      • ◄  يوليو (9)

    المتابعون

    المظهر: بسيط. يتم التشغيل بواسطة Blogger.